فلسطين المحتلة - متابعة شبكة قُدس: أدت الحكومة الفلسطينية برئاسة محمد اشتية، اليمين الدستورية في الثالث عشر من نيسان لعام 2019، ومارست أعمالها حتى أعلن اشتية اليوم الاثنين، تقديم استقالتها للرئيس محمود عباس.
خمس سنوات، مرت على مباشرة حكومة اشتية أعمالها تفاقمت خلالها الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية بشكل كبير، تجلت ذروتها بالاقتطاع من رواتب الموظفين الحكوميين وصرفها منقوصة منذ تشرين الثاني 2021، والمستمرة حتى اليوم، بالتزامن مع ارتفاع كبير على أسعار المحروقات والسلع الغذائية في الأسواق الفلسطينية.
ورغم عمل الحكومة في ظل ظروف معقدة؛ فإنه مع ظهور كل أزمة، يتم الحديث عن تعديلات وزارية تارة وتارة عن رئيس حكومة جديد، حتى أقدم اشتية اليوم على خطوة تقديم استقالة الحكومة.
وعقب إعلان اشتية استقالة حكومته؛ أثار نشطاء فلسطينيون تساؤلات عن هوية رئيس الحكومة المقبل، والذي رجحت وسائل إعلام في أكثر من مرة أن يكون رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني، محمد مصطفى، الذي كثر الحديث عنه في كل مرة يتم تداول تسريبات عن استقالة حكومة اشتية.
حكومة لمعت فسادا
فساد إداري، محسوبيات، واسطات، قوانين وأنظمة ديكتاتورية، وانتخابات غائبة؛ أبرز ما حملته ملامح الحكومة المستقيلة، أدت بالحكومة إلى الإعلان قبل نحو شهرين عن تنفيذها "برنامج الإصلاح الحكومي" والذي يشمل المنظومة القضائية والأمنية والإدارية والمالية، بعد أن باركته العديد من الدول والمانحين، وسط استبعاد كثيرين إمكانية تنفيذه على أرض الواقع.
وخلال حكومة اشتية؛ تغولت السلطة التنفيذية بشكل "سافر" وفق خبراء قانونيين، على السلطة القضائية التي باتت أبعد ما يكون عن الاستقلال، وباتت تدار من قبل السلطة التنفيذية بعيدا عن مبدأ الفصل بين السلطات، حيث أصبح القضاء جزءا لا يتجزأ من السلطة التنفيذية وأصبح تعيين رئيس مجلس القضاء الأعلى بيد الرئيس، حيث تمت إحالة عدد من القضاة للتقاعد خضوعا لرغبات السلطة التنفيذية.
صندوق وقفة عز ولقاحات كورونا
لاحقت شبهات فساد عمل صندوق وقفة عز الذي أعلن عن حله قبل نحو عام، حيث كشف تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية في السلطة الفلسطينية الذي نشر في 2021، عن خروقات في اختيار المستفيدين من صندوق "وقفة عز" الذي خصصته الحكومة لتوزيع مساعدات، على الفئات التي تضررت في المرحلة الأولى من انتشار فيروس "كورونا"، في الضفة وغزة، وأشرفت عليه وزارة العمل، وأظهر التقرير صرف مساعدات مالية من الصندوق لثلاثة أشخاص يحملون جواز السفر الدبلوماسي، وأشار إلى خلل في عدم وضع معايير بشأن أعداد المستفيدين من الأسرة الواحدة، مما أدى لصرف مساعدات مالية لستة أفراد من نفس الأسرة في بعض الحالات، كما أن بعض المستفيدين تجاوزت رواتبهم 11 ألف شاقل.
واتهمت الحكومة الفلسطينية ووزارة الصحة الفلسطينية، بالفساد والتلاعب في توزيع لقاحات كورونا، والتي اتهمت في وقت سابق، بشراء لقاحات منتهية الصلاحية من الاحتلال الإسرائيلي، في فترة ذروة انتشار الوباء في فلسطين.
نزار بنات
وفي يونيو 2021؛ سلط مقتل الناشط المعارض نزار بنات، الضوء على فساد الحكومة الفلسطينية وسلطتها التنفيذية، الذي انتقد بشكل مستمر أداء الحكومة الفلسطينية وقادة السلطة، وتحدث مرارا عن الفساد الذي يعتريها قبل أن تقدم قوة من الأجهزة الأمنية على قتله.
وتفاقمت الأزمة التي سببتها الحكومة لنفسها، مع قمع المظاهرات التي خرجت للتنديد بجريمة مقتل بنات على يد عناصر الأجهزة الأمنية والتي طالبت بتحقيق العدالة وتقديم مرتكبي الجريمة للمحاكمة، حيث تم الاعتداء على المشاركين بطريقة وحشية استخدمت فيها القوة المفرطة واعتدت عناصر الأجهزة الأمنية على المشاركين من بينهم فتيات.
وارتفعت وتيرة الاعتقالات السياسية، بحق النشطاء والطلبة والمعارضين وكذلك المقاومين، الذين ضيقت الأجهزة الأمنية الخناق عليهم فيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير والانتماء السياسي وكذلك العمل المقاوم ضد قوات الاحتلال، بالتزامن مع ارتفاع وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية واعتداءات المستوطنين في مناطق الضفة المحتلة.
وأثيرت كذلك، قضية مستشفى خالد الحسن للسرطان، التي أعلن عن بدء جمع التبرعات لإنشائها قبل مباشرة حكومة اشتية أعمالها، حيث تم جمع 12 مليون دولار أمريكي، و10 ملايين شيكل، إضافة إلى تبرعات موظفي الدوائر الحكومية بيوم عمل، بحسب ما أعلنت حملة التبرعات لإنشاء المستشفى والتي أطلقها الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومجلس أمناء المركز عام 2016، حيث وقع المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار "بكدار" الذي كان يرأسه اشتية في حينه، عقدا للمباشرة بأعمال التصميم بقيمة 2.47 مليون دولار، ولكن يبدو أن فكرة المستشفى قد ألغيت تماما بعد جمع التبرعات.
العناقيد الزراعية
بعد تأدية محمد اشتية اليمين الدستورية بأشهر قليلة، أعلن مباشرة عن خطته التي أطلق عليها "العناقيد الزراعية، والتي هدفت إلى الانفكاك التدريجي من العلاقة مع الاحتلال وتعزيز المنتج المحلي، انخفضت بعدها قيمة الصادرات الزراعية، حيث تم الكشف في حينه أن الحكومة لم ترصد موازنات حقيقية مخصصة لهذا القطاع.
وقبل بدء الحرب على قطاع غزة بنحو شهرين، أثيرت شبهات فساد بشأن رفض الحكومة الفلسطينية الإفصاح عن تفاصيل مشروعها لبناء صوامع القمح والإعلان عن أسماء الشركات المشاركة.
وأثيرت في أكثر من مرة، تعيينات لأبناء مسؤولين وأبناء وأقارب وزراء في وظائف رسمية، ما وضع الحكومة مجددا في خانة المحسوبيات والمحاباة في قرارات التعيين، وأدى الجدل في التعيينات لأبناء المسؤولين إلى إعلان هيئة مكافحة الفساد مباشرة التحقيق في شبهات فساد بالخصوص.